فصل: باب السِين مع الفاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 باب السين مع الدال

‏{‏سدد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <قارِبُوا وسَدِّدُوا> أي اطلُبوا بأعمالكم السَّداد والاستقامةَ، وهو القَصْد في الأمر والعَدْلُ فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه قال لِعَلْىٍ: سَلِ اللّه السَّدادَ، واذكر بالسَّداد تسْديدَك السَّهمَ> أي إصابَة القصْد‏.‏

ومنه الحديث <ما مِن مُؤمن يُؤمن باللّه ثم يُسَدِّد> أي يقْتصد فلا يَغلْو ولا يُسْرفْ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي بكر، وسُئل عن الإزَار فقال <سَدّد وقارِب> أي اعَملْ به شيئاً لا تُعاب على فِعْله، فلا تُفْرِط في إرْساله ولا تَشْمِيره‏.‏ جعلَه الهروي من حديث أبي بكْر، والزَّمخشري من حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم وأنَّ أبا بكْر سأله‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفة مُتعلِّم القرآن <يُغْفر لأَبَويه إذا كانا مُسَدِِّدَين> أي لاَزِمَى الطَّريقة المسْتَقيمة، يُروى بكسر الدَّال وفتْحِها على الفَاعِل والمَفْعُول‏.‏

ومنه الحديث <كان له قوسٌ تُسَمَّى السَّدَاد> سُمّيت به تفاؤُلاً بإصابة ما يُرمى عنها‏.‏ وقد تكررت هذه اللَّفَظة في الحديث‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث السؤال <حتى يُصِيب سِدَاداً من عَيْش> أي ما يَكْفي حاجَته‏.‏ والسِّدادُ بالكسر‏:‏ كلُّ شيء سَدَدْت به خَلَلاً‏.‏ وبه سُمِّى سِدَاد الثغر والقارُورَة والحاجة‏.‏ والسُّدَ بالفتح والضم‏:‏ الجبل والرَّدْم‏.‏

ومنه <سَدُّ الرّوحاء، وسُّد الصَّهبْاء> وهما موضِعاَن بين مكة والمَدينة‏.‏ والسُّد بالضم أيضا‏:‏ ماء سماء عند جَبَلٍ لِغَطفان، أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بِسَدّه‏.‏

وفيه <أنُه قيل له: هذا علي وفاطمة قائمين بالسُّدَّة فأذنَ لهما> السُّدة‏:‏ كالظُّلة على الباب لتقى البابَ من المطر‏.‏ وقيل هي البابُ نفسُه‏.‏ وقيل هي الساحَة بين يدَيْه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث وَاردي الحَوض <همُ الذين لا تُفْتح لهم السُّدَدُ ولا يَنكِحون المُنَعّماتِ> أي لا تُفْتح لهم الأبوابُ‏.‏

وحديث أي الدرداء <أنه أتى بابَ معاوية فلم يأْذَن له، فقال: من يَغْشَ سُدَد السلطان يَقُمْ ويَقْعُد>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث المغيرة <أنه كان لا يُصلي في سُدَّة المسجد الجامع يوم الجمعة مع الإمامِ. وفي رواية أنه كان يُصلي> يعني الظّلاَل التي حولَه، وبذلك سمي إسماعيل السُدِّي؛ لأنه كان يبيع الخُمُرَ في سُدَّة مسجد الكُوفةِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أمّ سلمة <أنها قالت لعائشة لما أرادت الخروج إلى البَصْرة: إنك سُدَّة بين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأُمَّته> أي باب فمتى أُصيب ذلك الباب بشىء فقد دُخِلَ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حَرِيمه وحَوزَتِه، واسْتُفتح ما حماه، فلا تكوني أنتِ سبب ذلك بالخروج الذي لا يَجب عليك، فتُحْوجي الناس إلى أن يفعلوا مثلَكِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الشعبي <ما سَدَدْت على خَصْم قطُّ> أي ما قَطَعْت عليه فأسُدَّ كلامه‏.‏

‏{‏سدر‏}‏ * في حديث الإسراء <ثم رُفِعْت إلى سِدْرة المُنْتهى> السِدْر‏:‏ شجرُ النبِق‏.‏ وسِدْرَةُ المُنْتهى‏:‏ شجرة في أقْصَى الجنة إليها يَنْتهي عِلُم الأولّين والآخِرين ولا يتعدَّاها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه <من قطع سِدْرة صوَّب اللّهُ رأسَه في النار> قيل أراد به سدرَ مكة لأنها حرّم‏.‏ وقيل سدرَ المدينة، نهى عن قَطْعه ليكون أُنساً وظِلاً لمن يُهاجر إليها‏.‏ وقيل أراد السِدرَ الذي يكون في الفَلاة يستل له أبْناءُ السبيل والحيوان، أو في مِلك إنسان فيتحامل عليه ظالم فيقْطَعه بغير حَقّ، ومع هذا فالحديثُ مُضْطرب الرواية، فإن أكثَر ما يُرْوى عن عُرْوة بن الزبير، وكان هو يَقْطع السدْر ويتخذ منه أبوابا‏.‏ قال هِشام‏:‏ وهذه أبوابٌ من سِدْر قَطَعة أبي‏.‏ وأهل العلم مُجْمِعون على إباحة قَطْعه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <الذي يَسْدَر في البحر كالمُتَشحِّط في دضمٍه> السَّدَر بالتحريك‏:‏ كالدُّوارِ وهو كثيرا ما يَعْرِض لراكِب البحر‏.‏ يقال سَدِر يَسْدَر سَدَراً، والسَّدِر بالكسر من أسماء البحرِ‏.‏

وفي حديث علي <نَفَرَ مُسْتكبراً وخَبط سادِراً> أي لاهِياً‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحسن <يَضْرِب أسْدَرَيْه> أي عِطْفيه ومَنْكِبيه، يضرِبُ بيدَيه عليهما وهو بمعنى الفارغِ‏.‏ ويُرْوى بالزاي والصاد بدل السين بمعنى واحد‏.‏ وهذه الأحْرُف الثلاثةُ تتعاقبُ مع الدال‏.‏

وفي حديث بعضهم <قال: رأيت أبا هريرة يلعب السُّدَّر> السُّدَّر‏:‏ لُعْبةُ يقامَر بها، وتُكْسر سينُها وتَضَم، وهي فارسية معرَّبة عن ثلاثة أبواب ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قال الفارسي‏:‏ وقيل هي أن يدور دوراناً بشدة حتى يبقى سادراً، يدور رأسه حتى يسقط على الأرض‏)‏‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث يحي بن أبي كثير <السُّدَّر هي الشيطانةُ الصُّغْرى> يعني أنها من أمر الشيطان‏.‏

‏{‏سدس‏}‏ * في حديث العلاء بن الحضْرمي، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال <إنَّ الإسلام بدَا جَذَعا، ثُمَّ ثَنِيّاً، ثم رَباعياً، ثم سَدِيساً، ثم بازِلا. قال عُمر: فما بعد البُزُول إلا النّقصان> السَّدِيس من الإبل ما دخَل في السَّنة الثامنة، وذلك إذا ألقى السِنَّ التي بعد الرَّباعية‏.‏

‏{‏سدف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علقمة الثَّقفي <كان بلالٌ يأتينا بالسَّحور ونحن مُسْدِفُون، فَيكْشِف لنا القُبَّة فيُسْدِف لنا طعاما> السُّدْفة‏:‏ من الأضْداد تقعُ على الضِياء والظُّلْمة، ومنهم من يجعلها اختِلاطَ الضَّوء والظُّلمة معاً، كوَقت ما بين طلوع الفجر والإسْفارِ، والمرادُ به في هذا الحديث الإضاءةُ، فمعنى مُسْدِفون داخِلون في السُّدفة، ويُسْدِفُ لنا‏:‏ أي يُضِىءُ‏.‏ ويقال اسْدِف الباب‏:‏ أي افْتَحه حتى يُضىء البيتُ‏.‏ والمرادُ بالحديث المُبالغة في تأخِير السُّحور‏.‏

ومنه حديث أبي هريرة <فصِّل الفجر إلى السَّدَف> أي إلى بياض النهار‏.‏

ومنه حديث علي <وكُشِفت عنهم سُدَفُ الرّيَب> أي ظُلَمها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أمّ سلمة <قالت لعائشةَ: قد وجَّهْتِ سِدَافَته> السدافة‏:‏ الحجابُ والسِّتر من السُّدفة‏:‏ الظلمة، يعني أخَذْت وجْهَها وأزَلتها عن مَكاَنها الذي أُمِرْتِ به‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث وفد تميم‏:‏

ونُطْعِم النَّاسَ عِند القَحْط كُلهُمُ ** من السَّديف إذا لم يُؤْنَسِ القَزَعُ

السَّديفُ‏:‏ شَحْم السَّنام، والقَزَع‏:‏ السَّحابُ‏:‏ أي نُطْعم الشَّحم في المَحْل‏.‏

‏{‏سدل‏}‏ * فيه <نهى عن السَّدْل في الصَّلاة> هو أن يَلْتَحِف بثوبه ويُدْخِل يدَيه من دَاخِل، فيرْكع ويَسْجُد وهو كذلك‏.‏ وكانَتِ اليهود تفعله فنهُوا عنه‏.‏ وهذا مُطَّرد في القَميص وغَيرِه من الثياب‏.‏ وقيل هو أن يضع وسط الإزَار على رَأسِه ويُرسل طَرفيه عن يمينه وشماَله من غير أن يَجْعَلها على كَتِفَيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عليّ <أنه رأى قوما يُصَلُّون قد سَدَلوا ثيابَهم فقال: كأنَّهم اليهُود>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عائشة <إنها سَدَلت قِناَعَها وهي مُحْرِمة> أي أسبلَتْه‏.‏‏.‏‏.‏ وقد تكرر ذكر السَّدل في الحديث‏.‏

‏{‏سدم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <من كانت الدُّنيا هَّمه وسَدَمه جعل اللّهُ فَقْره بين عَينَيه> السَّدَم‏:‏ اللَّهَجُ والوُلوعُ بالشيء ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قال الفارسي‏:‏ هو همّ في ندم‏)‏‏.‏

‏{‏سدن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه ذكر <سِدَانة الكْعبة> هي خِدْمَتُها وتَولِّى أمْرها، وفَتْح بابها وإلاقُه يقال سَدَن يسْدُن فهو ساَدِن‏.‏ والجمع سَدَنة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏سدا‏}‏ * فيه <من أسْدى إليكم مَعْرُوفا فكَافِئُوه> أسْدَى وأوْلَى بمعنّى‏.‏ يقال أسْدَيت إليه مَعْروفاً أسْدِى إسْدَاءَ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه كتَب ليَهُود تَيْماء: إن لهم الذّمَّة وعليهم الجِزْية بلا عَداء، النَّهار مَدّى والليل سُدًى> السُّدَى‏:‏ التَّخْلية، والمَدَى‏:‏ الغايةُ‏.‏ يقال إبلٌ سُدًى‏:‏ أي مُهملةٌ‏.‏ وقد تفتح السّين أرادَ أن ذلك لهم أبداً ما كان الليلُ والنهار ‏.‏

 باب السين مع الراء

‏{‏سرب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <من أصْبَح آمناً في سِرْبه مُعَافًى في بَدنه> يقالُ فُلانٌ آمِن في سِرْبه بالكَسر‏:‏ أي في نفْسه‏.‏ وفلان واسعُ السِّرْب‏:‏ أي زَخِىُّ الباَلِ‏.‏ ويُروى بالفَتح، وهو المَسْلك والطَّرِيق‏.‏ يقال خَلِّ سَرْبه‏:‏ أي طريقه‏.‏

ومنه حديث ابن عمرو <إذا مات المُؤْمن تَخَلّى له سًرْبُه يَسْرَح حيثُ شاء> أي طريقهُ ومذهَبه الذي يمرُّ فيه‏.‏

وفي حديث موسى والخِضر عليهما السلام <فكان للحوت سَرَبا> السَّرَب بالتحريك‏:‏ المَسْلَك في خُفْية‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنهم سِرْب ظباَء> السِّرب بالكسر، والسّرْبة‏:‏ القَطِيع من الظِّباَء والقَاَ والخيل ونحوها، ومن النِّساء على التَّشبيه بالظّباء‏.‏ وقيل السّرْبة‏:‏ الطَّائفة، من السِّرْب‏.‏

وفي حديث عائشة‏:‏ <فكان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُسرّبُهنَّ إلىَّ فَيلعبْن معي> أي يَبْعَثُهن ويُرْسلُهُن إلىَّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي <إني لأُسَرِّبُه عليه> أي أُرسِلُه قِطعَةً قِطْعَةً‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث جابر <فإذا قَصَّر السَّهم قال سَرِّب شيئاً> أي أرْسِلْه‏.‏ يقال سَرّبْت إليه الشَّىءَ إذا أرْسَلنَه واحداً واحداً‏.‏ وقيل‏:‏ سِرْباً سِرْبا، وهو الأشبَهُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفته عليه السلام <أنه كان ذا مَسْرُبة> المسرُبة بضم الراء‏:‏ مَا دقّ من شَعَر الصَّدْر سائلا إلى الجَوف‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <كان دَقِيقَ المسرُبَة>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الاستنجاء <حَجَرين للصّفْحَتَين وحَجَر للمسرُبَة> هي بفتح الراء وضمها مجْرَى الحَدَث من الدُّبُر‏.‏ وكأنَّها من السّرْب‏:‏ المسْلَك‏.‏

وفي بعض الأخبار <دخَل مَسْربَتَه> قيل هي مثْل الصُّفَّة بين يَدي الغُرْفَة، وليست التي بالشين المعجمة، فإن تلك الغُرْفةُ‏.‏

‏{‏سربخ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث جهيش <وكائن قَطَعْنا إليك من دَوِّيَّةٍ سَرْبَخ> أي مَفَازَة واسِعَة بَعيدَة الأرْجاء‏.‏

‏{‏سربل‏}‏ * في حديث عثمان رضي اللّه عنه <لا أخلف سِرْبَلَنِيه اللّه> السّربالُ‏:‏ القميصُ، وكَنَى به عن الخلافة، ويُجمع على سَرابِيل‏.‏

ومنه الحديث <النوائح عليهن سَرَابِيلُ من قَطِران> وقد تُطَلق السَّرَابِيل على الدُّرُوع‏.‏ ومنه قصيد كعب بن زهير‏:‏

شُمُّ العَرَانِينِ أبطالٌ لَبُوسُهُم ** من نسْج دَاودَ في الهيْجَا سِرابِيلُ

‏{‏سرج‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <عُمرُ سِراجُ أهل الجنة> قيل أرادَ أن الأرْبَعين الذين تمُّوا بإسلامِ عُمَر رضي اللّه عنه وعنهُم كُلّهم من أهل الجنة، وعُمُر فيما بينهم كالسِّراج؛ لأنهم اشتَدُّوا بإسْلامِه، وظهَرُوا للناس، وأظهروا إسلامهم بعد أن كانوا مُخْتَفِين خائفين؛ كما أنَّ بضَوء السِّراج يهتَدي الماَشِي‏.‏

‏{‏سرح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أم زرع <له إبلٌ قَليلاتُ المساَرِحِ كثيراتُ المبَارِك> المسارح‏:‏ جمع مَسْرح، وهو الموضِع الذي تسْرَح إليه الماشية بالغَدَاة للرَّعي‏.‏ يقال سَرَحَت الماشية تْسرَحُ فهي سارِحَة، وسَرحْتها أَنا، لازماً ومتعدِّيا‏.‏ والسَّرح‏:‏ اسْم جَمْع وليس بتكسير ساَرح، أو هو تَسْمية بالمَصْدر، تَصِفُه بكَثرة الإطعام وسَقْى الألْبانِ‏:‏ أي إنّ إبلَه على كثرتها لا تَغيِب عن الحيِّ ولا تسْرَح إلى المَرَاعي البَعِيدَة، ولكنَّها تْبرك بفِناَئه ليَقْربَ الضِّيفان من لَبنها ولَحْمها، خوفاً من أن ينْزل به ضيفٌ وهي بعيدةٌ عازبةٌ‏.‏ وقيل معناهُ أن إبلَه كثيرةٌ في حال بُرُوكِها، فإذا سَرَحت كانت قليلَة لكثرة ما نُحر منها في مَباَرِكها للأضْيافِ‏.‏

ومنه حديث جرير <ولا يَعْزُب سارحُها> أي لا يبعُد ما يسرَحُ منها إذا غَدَت للمرْعَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه <لا تُعْدَل ساَرحَتُكم> أي لا تُصْرفُ ماشيتُكم عن مرْعًى تُرِيدُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ والحديث الآخر <لا يُمْنعُ سَرْحُكم> السَّرحُ والسَّارحُ والسَّارحةُ سواءٌ‏:‏ المْاَشية‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث ابن عمر <فإنّ هناك سَرْحة لم تُجْرَد ولم تُسْرَح> السَّرْحة‏:‏ الشجَرةُ العظيمةُ، وجمعها سَرْح‏.‏ ولم تُسْرَح‏:‏ أي لم يُصِبْها السَّرْح فيأكل أغصانَها وورَقَها‏.‏ وقيل هو مأخوذٌ من لفظ السَّرْحة، أرادَ لم يُؤخَذ منها شىءٌ، كما يقال‏:‏ سحَرْتُ الشَّجَرة إذا أخَذْت بَعْضَها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ظَبياَن <يأكُلون مُلاَّحَها ويَرْعَون سِرَاحَها> جمع سَرْحة أو سَرْح‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الفارعة <إنها رَأَت إبليسَ ساجداً تسيلُ دُمُوعه كسُرُح الجَنِين> السُّرُح‏:‏ السَّهل‏.‏ يقال ناقةٌ سُرُح، ونوق سُرُحٌ، ومِشيةٌ سرُحٌ‏:‏ أي سهلةٌ‏.‏ وإذا سهُلت ولادُة المرأة قِيل ولَدت سُرُحا‏.‏ ويروى <كَسريح الجَنِين> وهو بمعناه‏.‏ والسَّرْح والسَّريح أيضا‏:‏ إدرَارُ البول بَعْد احْتِباَسِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الحسن <يَالَهَا نِعْمة - يَعْني الشّرْبة من الماء - تُشْرَب لذَّة وتخرُج سُرُحا> أي سَهْلا سَرِيعا‏.‏

‏{‏سرحان‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الفجر الأوّل <كأنه ذَنَب السِّرْحان> السّرحان‏:‏ الذّئب وقيل الأسَدُ، وجمعه سِرَاحٌ وسَرَاحين‏.‏

‏{‏سرد‏}‏ في صفة كلامه <لم يكن يَسرُد الحديث سَرْدا> أي يُتاَبعه ويَسْتَعْجل فيه‏.‏

ومنه الحديث <إنه كان يسرُد الصَّوم سرداً> أي يُواليه ويُتاَبعه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ رجُلا قال له: يا رسول اللّه إني أسْرُد الصِّيام في السَّفَر، فقال: إن شِئْت فصُمْ وإن شئت فأفِطر>‏.‏

‏{‏سرْدح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث جهيش <ودَيمُومَةٍ سَرْدَح> السَّردَح‏:‏ الأرضُ اللَّينة المُسْتَويةُ‏.‏ قال الخطابي‏:‏ الصَّرْدح بالصَّاد‏:‏ هو المكانُ المُسْتَوي، فأما بالسين فهو السِّردَاح‏.‏ وهي الأرضُ اللينةُ‏.‏

‏{‏سردق‏}‏ * فيه ذكر <السُّرادِق> في غير موضِع، وهو كُلُّ ما أحاطَ بشىءِ من حائطٍ أو مضْرَب أو خِبَاء‏.‏

‏{‏سرر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <صوموا الشَّهْر وسِرَّه> أي أوَّلَه‏.‏ وقيل مُسْتهلَّه‏.‏ وقيل وَسَطه‏.‏ وسرُّ كلّ شىءِ جوفُه، فكأنَّه أرادَ الأيامَ البيضَ‏.‏ قال الأزهري‏:‏ لا أعْرِف السِّرَّ بهذا المْعنى‏.‏ إنما يُقال سِرارُ الشَّهر وسَرَاره وسَرَره، وهو آخِرُ لَيلة يَسْتَسِرُّ الهلالُ بنُور الشَّمس ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قال البيهقي في سننه <الصحيح أن سره آخره وأنه أراد به اليوم أو اليومين اللذين يتسرر فيهما القمر> وقال الفارسي‏:‏ أنه الأشهر، قال‏:‏ وروى <هل صمت من سرة هذا الشهر> كأنه أراد وسطه لأن السرة وسط قامة الإنسان‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <هل صُمْت من سِرَار هذا الشَّهْر شيئاً> قال الخطَّابي‏:‏ كان بعضُ أهل العِلم يقولُ في هذا‏:‏ إنَّ سُؤالَه زجْر وإنكارِ، لأنه قد نهى أن يُسْتَقْبل الشَّهرُ بصوم يوم أو يومين‏.‏ قال‏:‏ ويُشْبِه أن يكونَ هذا الرجَل قد أوجَبَه على نَفْسه بنَذْر، فلذلك قال له في سِياقِ الحديث‏:‏ إذا أفطرتَ - يعني من رَمضان - فصُم يَومين، فاسْتَحب له الوَفاء بهما‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم <تَبْرُق أساَرِيرُ وجهه> الأساَرِير‏:‏ الخُطُوط التي تَجتْمَع في الجَبْهة وتتكسَّر، واحدُها سِرّ أو سَرَرٌ، وجمعها أسْرَارٌ، وأسِرَّة، وجمع الجمع أساَرِير‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه في صفته أيضا <كأنَّ ماءَ الذَهب يَجْري في صَفْحة خدِّة، ورَوْنَقَ الجَلالِ يطَّرد في أسِرَّة جَبِينه>‏.‏

وفيه <أنه عليه السلام وُلِد معْذُوراً مسْرُورا> أي مقطوع السُّرة، وهي ما يبْقى بعد القَطع ممَّا تقطعه القَابِلة، والسَّرَرُ ما تَقْطعه، وهو السُّر بالضم أيضا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن صائد <أنه وُلد مسْرُورا>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <فإنَّ بها سَرْحَةً سُرَّ تحتها سبعُون نبياً> أي قُطعت سُرَرُهم، يعني أنهم وُلِدوا تحتَها، فهو يَصِف برَكتَها، والموضعُ الَّذي هي فيه يُسَمى وادي السُّرَر، بضم السين وفتح الراء‏.‏ وقيل هو بفتح السين والراء‏.‏ وقيل بكسر السين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث السَّقْط <أنه يَجْترُّ وَالِدَيْه بسَرَرِه حتى يُدْخِلَهما الجنة>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث حذيفة <لا تَنْزل سُرَّة البصرة> أي وسَطَها وجَوْفها، من سُرَّة الإنسان فإنها في وسَطِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ظبيان <نحن قومٌ من سَرَاره مَذْحِج> أي من خِيارهم‏.‏ وسَرَارة الوادي‏:‏ وسَطه وخيرُ موضع فيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها، وذُكِر لها المُتعَة فقالت <واللّه ما نَجِد في كِتاب اللّه إلاَّ النكاح والاسْتِسْرَارَ> تُريد اتِّخاذ السَّراري‏.‏ وكان القياسُ الاسْتِسْراء، من تَسَرَّيت إذا اتَّخذْت سُرِّيّة، لكنَّها ردَّت الحرف إلى الأصْلِ وهو تَسرَّرت، من السِّر‏:‏ النكاح، أو من السُّرور فأبْدلت إحدى الرَّاآت ياءَ‏.‏ وقيل إنَّ أصلَها الياءُ، من الشَّيء السَّريّ النَّفِيس‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سلامة <فاسْتَسرَّني> أي اتَّخذَني سُرِّية‏.‏ والقياسُ أن تقول‏:‏ تَسَرَّرَني أو تَسرَّاني‏.‏ فأما اسْتَسرَّني فمعناه ألْقى إلىَّ سِرّاً، كذا قال أبو موسى، ولا فَرْق بينه وبين حديث عائشة في الجَوازِ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث طاوُس <من كانت له إبِلٌ لم يُؤدِّ حقَّها أتَت يومَ القيامة كأَسَرِّ(يروى: <كآشر ما كانت> و <كأبشر> وقد تقدم في <أشر> و <بشر> ‏)‏ ما كانت، تَطَؤُه بأخْفافِها> أي كأسْمَنِ ما كانت وَأوفَره، منْ سِرّ كل شىء وهو لُبُّه ومُخُّه‏.‏ وقيل هو من السُّرُور؛ لأنها إذا سَمِنَت سَرَّت الناظِرَ إليها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <إنه كان يُحَدّثه عليه السلام كأخي السِّرار> السِّرار‏:‏ المُساَرَرَة‏:‏ أي كصاحب السّرَار، أو كمْثل المُساَرَرَة لخْفض صَوْته‏.‏ والكافُ صفةٌ لمصدر محذوف‏.‏

وفيه <لا تقتُلوا أولادَ كم سِرّاً فإنّ الغَيْلَ يُدرك الفارس فيُدَعْثِرُه من فرسه> الغَيْلُ‏:‏ لَبُن المرأةِ المُرْضع إذا حَمَلت، وسُمّى هذا الفعلُ قْتلا لأنه قد يُفضي به إلى القتل، وذلك أنه يُضْعفه ويُرْخى قُواه ويُفْسد مِزاجَه، فإذا كَبِرَ واحتاجَ إلى نَفْسه في الحَرْب ومُنازلة الأقْران عَجَز عنهم وضُعف فربما قُتل، إلاَّ أنه لما كان خَفِيّاً لا يُدْرَك جَعَله سِرّا‏.‏

وفي حديث حذيفة <ثم فِتنْة السَّرَّاء>‏:‏ السَّرّاء‏:‏ البَطْحاءُ‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ هي التي تدخُل الباطن وتُزَلْزِله، ولا أدْري ما وجْهه‏.‏

‏{‏سرع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث سَهْو الصلاة <فخرج سَرَعان الناس> السَّرَعان بفتح السين والراء‏:‏ أوائلُ الناس الذين يَتَساَرعُون إلى الشيء ويُقْبِلون عليه بِسُرْعة‏.‏ ويجوزُ تسكين الراء‏.‏

ومنه حديث يوم حُنَين <فخرج سَرَعان الناس وأخِفَّاؤهم>‏.‏

وفي حديث تأخير السُّحُور <فكانت سُرْعَتي أن أُدْرِك الصلاةَ مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> يُريد إسْرَاعِي‏.‏ والمعنى أنه لقُرْب سُحُره من طُلوع الفجر يُدْرِك الصلاةَ بِإسْراعِه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث خيفان <مَسارِيعُ في الحرب> جمع مِسْراع، وهو الشديدُ الإسْرَاع في الأمور، مثْل مِطْعَان ومَطاَعِينَ، وهو من أبْنية المُباَلغة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي صفته عليه السلام <كأن عُنُقَه أساريعُ الذَّهب> أي طرائِقُه وسبائكُه، واحدُها أُسْرُوع، ويُسْرُوع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث الحديبية <فأخَذَ بهم بين سَرْوَعَتَين ومالَ بهم عن سَنَن الطريق> السَّرْوَعَة‏.‏ رابيةٌ من الرمل‏.‏

‏{‏سرغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الطاعون <حتى إذا كان بسَرْغ> هي بفتح الراء وسكونها‏:‏ قريةٌ بوادي تَبُوكَ من طريق الشَّام‏.‏ وقيل على ثلاث عَشْرة مرحلة من المدينة‏.‏

‏{‏سرف‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عمر <فإنّ بها سَرْحةً لم تُعْبَل ولم تُسْرف> أي لم تُصِبها السُّرْفة، وهي دُوَيْبَّة صغيرةٌ تَثْقُبُ الشجر تتخذه بْيتا، يُضْرب بها المَثل، فيقال‏:‏ أصْنَع من سُرْفة‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث عائشة <إنّ لِلَّحم سَرَفا كسَرَف الخمر> أي ضَرَاوةً كضَرَاوتها، وشِدَّةً كشِدَّتها؛ لأنّ من اعْتاَده ضَرِىَ بأكْله فأسْرفَ فيه، فِعل مُدْمِن الخَمْر في ضَرَاوته بها وقِلَّة صَبره عنها‏.‏ وقيل أرادَ بالسَّرَفَ الغَفْلة، يقال رجل سَرِف الفُؤاد، أي غَافِل، وسَرفُ العقْلِ‏:‏ أي قليلُه‏.‏ وقيل هو من الإسْرَاف والتَّبذير في النَّفقة لغير حاجةٍ، أو في غيرِ طاعةِ اللّه، شبَّهت ما يَخْرج في الإكْثار من اللَّحم بما يخرج في الخَمر‏.‏ وقد تكرر ذكْر الإسْراف في الحديث‏.‏ والغالبُ على ذكره الإكثارُ من الذُّنوب والخَطايا، واحْتِقاب الأوزَار والآثَام‏.‏

ومنه الحديث <أرَدْتكم فسَرِفْتكم> أي أخْطأتُكم‏.‏

وفيه <أنه تزَوَّج مَيمونَة بِسَرِف> هو بكسر الراء‏:‏ موضع من مكة على عَشْرة أميال‏.‏ وقيل أقلَ وأكْثر‏.‏

‏{‏سرق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عائشة <قال لها: رأيتُكِ يحْمِلُك المَلَك في سَرَقَة من حَرير> أي في قِطْعة من جَيِّد الحرير، وجمعها سَرَق‏.‏

ومنه حديث ابن عمر <رأيتُ كأنَّ بيدي سَرَقةً من حرير>‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <إذا بِعْتم السَّرَق فلا تشْتَرُوه> أي إذا بِعْتُموه نسيئةً فلا تَشْتَرُوه، وإنما خَصَّ السَّرَق بالذِّكر لأنه بَلغه عن تُجَّار أنَّهم يَبِيعثونه نَسيئةً ثم يشتُرونه بدُون الثَّمن، وهذا الحكم مُطَّردٌ في كُلِّ المَبِيعَات، وهو الذي يسمى العِينَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عمر <أنَّ سائلا عن سَرَق الحرير. فقال: هلاَّ قلت شُقَق الحرير> قال أبو عبيد‏:‏ هي الشُّقَق إلاَّ أنها البيضُ منها خاصَّة، وهي فارِسية، أصلها سَرَه، وهو الجَيِّد‏.‏

وفي حديث عَدِىّ <ما تَخاف على مَطِيَّتها السَّرَق> السَّرَق بالتحريك بمعنى السَّرِقة، وهو في الأصل مصدَر‏.‏ يقال سرَق يسرِق سرَقا‏.‏

ومنه الحديث <تستَرِق الجنُّ السمعَ> هو تَفْتَعِل، من السَّرِقة، أي أنها تسْتمعُه مُخْتَفِيةً كما يفعل السَّارِق‏.‏ وقد تكرر في الحديث فِعْلاً ومَصْدراً‏.‏

‏{‏سرم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث علىّ <لا يَذْهَب أمرُ هذه الأمَّة إلاَّ عَلى رجُل واسِع السُّرْم ضَخْم البُلعُوم> السُّرمُ‏:‏ الدُّبُر، والبُلعُوم‏:‏ الحلق، يُريد رجُلا عظيما شديداً‏.‏

ومنه قولهم إذا اسْتَعْظَمُوا الأمرَ واستصْغَروا فاعِلَه <إنما يفعل هذا من هُو أوسَع سُرْما منك> ويجوزُ أن يُريدَ به أنه كثير التَّبذير والإسْرَاف في الأمْوال والدِّماء، فوصفَه بسَعة المدْخَل والمخْرَج‏.‏

‏{‏سرمد‏}‏ * في حديث لقمان <جَوَّاب ليلٍ سَرْمَدٍ> السَّرْمد‏:‏ الدائم الذي لا ينْقَطع وليلٌ سرمد‏:‏ طويلٌ‏.‏

‏{‏سرى‏}‏ ‏(‏س ه‏)‏ فيه <يَرُدُّ مُتَسَرِّيهم على قَاعدهم> المُتَسَرِّى‏:‏ الذي يَخْرج في السَّريَّة، وهي طائفةٌ من الجَيش يبلغُ أقصاها أربَعمائة تُبْعث إلى العَدوّ، وجمعُها السَّرَايا، سُمُّوا بذلك لأنهم يكونُون خُلاصةَ العسْكر وخيارَهم، من الشَّيء السَّرِىِّ النَّفِيس‏.‏ وقيل سُمُّوا بذلك لأنهم ينْفذُون سرّاً وخُفْية، وليس بالوجْه، لأن لامَ السِّرِّ رَاءٌ، وهذه ياءٌ‏.‏ ومعنى الحديث أن الإمام أو أميرَ الجَيش يَبْعثُهم وهو خارجٌ إلى بلاد العدُوّ، فإذا غَنِموا شيئاً كان بَينَهم وبينَ الجيش عامَّة، لأنهم رِدْءٌ لهم وفِئةٌ، فأمَّا إذا بَعَثهم وهو مُقيم، فإن القَاعِدين معه لا يُشاَركونَهم في المَغْنم، فإن كانَ جعَل لهم نَفَلا من الغَنِيمة لم يَشْرَكْهم غيرُهم في شيءٍ منه على الوَجْهَين معاً‏.‏

وفي حديث سعدٍ رضي اللّه عنه <لا يَسِير بالسَّرِيَّة> أي لا يخرج بنَفْسه مع السَّرِيَّه في الغزو‏.‏ وقيل معناه لا يسير فينا بالسِّيرة النفيسَه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أم زرع <فنكحت بعده سَرِيّا> أي نَفِيساً شَرِيفاً‏.‏ وقيل سَخِيّاً ذا مُرُوءة، والجمع سَرَاة بالفتح على غَير قياس، وقد تُضَم السين، والاسم منه السرْوُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه قال لأصْحابه يوم أحد: اليوم تُسَرُّون> أي يُقْتل سَرِيُّكم، فقُتل حمزةُ‏.‏

ومنه الحديث <لمَّا حضَر بني شيبان وكلم سَرَاتَهم ومنهمُ المُثَنَّى بن حارِثَة> أي أشرافَهم‏.‏ وتُجمع السَّرَاة على سَرَوَات‏.‏

ومنه حديث الأنصار <قد افْتَرَق مَاَؤُهم وقُتِلَتْ سَرَوْاتُهم> أي أشْرَافهم‏.‏

ومنه حديث عمر <أنه مرَّ بالنَّخَع فقال: أرى السَّرْوَ فيكم مُتَربِّعا> أي أرى الشَّرف فيكم مُتَمَكِّناً‏.‏

وفي حديثه الآخر <لئن بَقِيت إلى قابل ليَأتِيَنّ الرَّاعي بسَرْو حمير حَقُّه لم يعرَقْ جَبينه فيه> السَّرْو‏:‏ ما انْحدَر من الجبل وارتفع عن الوادي في الأصل‏:‏ والسَّرْو أيضا محلّة حمْير‏.‏

ومنه حديث رياح بن الحارث <فصَعِدُوا سَرْواً> أي مُنْحدِراً من الجبل‏.‏ ويروى حديث عمر <ليَأتِيَنَّ الرَّاعي بسَرَوَات حِمْيَرَ> والمعروفُ في واحدِ سَرَوَاتٍ سَراةٌ، وسرَاةُ الطريق‏:‏ ظهره ومُعظَمُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <ليس للنساء سَرَوَاتُ الطُّرق> أي لا يتوسَّطْنها، ولكن يَمِشين في الجوانب‏.‏ وسَراة كلّ شىء ظَهْره وأعلاه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فمسَح سراة البَعير وذِفْراه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي ذر <كان إذا الْتَاثَتْ راحِلة أحدِنا طَعَن بالسُّروة في ضَبْعِها> يريد ضَبْع الناقة‏.‏ والسُّروة بالضم والكسر‏:‏ النَّصلُ القصير‏.‏

ومنه الحديث <أنَّ الولِيد بنَ المُغيرة مرَّ به فأشار إلى قدمه، فأصابَتْهُ سِرْوة فجعل يْضرِب ساقه حتى مات>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الحساَ يسرُو عن فُؤَاد السقيم> أي يَكْشِف عن فُؤَاده الألم ويُزِيله‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فإذا مَطَرت - يعني السحابةَ - سُرِّى عنه> أي كُشِف عنه الخوفُ‏.‏ وقد تكرر ذكر هذه اللَّفظَة في الحديث، وخاصةً في ذكر نُزُول الوحي عليه، وكُلّها بمعنى الكشفِ والإزالةِ‏.‏ يقال سرَوْت الثوب وسرَيْته إذا خَلَعته‏.‏ والتَّشديد فيه للمبالغة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث مالك بن أنس رحمه اللّه <يشترط صاحبُ الأرض على المُساقى خَمَّ العين وسروَ الشِّرْب> أي تَنْقِيه أنْهاره وسَوَاقيه‏.‏ قال القُتيبي‏:‏ أحْسُبه من قولك سرَوت الشىء إذا نَزَعْته‏.‏

وفي حديث جابر رضي اللّه عنه <قال له: ما السُّرَى يا جابر؟> السرى‏:‏ السَّيرُ بالليل، أراد ما أوجب مجيئَك في هذا الوقت‏.‏ يقال سرَى يَسْرِى سُرًى، وأسرى يُسرى إسراء، لُغَتان‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث موسى عليه السلام والسبعين من قومه <ثم تبرُزُون صبيحةَ سارِيةٍ> أي صَبِيحة ليلة فيها مَطَر‏.‏ والسَّارية‏:‏ سحابة تُمطر ليلا، فاعِلة، من السُّرى‏:‏ سَيْرِ الليل، وهي من الصفات الغالبة‏.‏

ومنه قصيد كعب بن زهير‏:‏

تَنْفِى ‏(‏الرواية في شرح ديوانه ص 7 <تجلو> ‏)‏ الرِّياحُ القَذى عنه وأفْرَطَه * من صَوْبِ ساَرِيةٍ بِيضٌ يَعاَلِيلُ

‏(‏س‏)‏ وفيه <نَهَى أن يُصَلَّى بين السَّوارِى> هي جمع ساَرِيةٍ وهي الأُسطُوَانة‏.‏ يريد إذا كان في صلاة الجماعَةِ لأجل انْقِطاع الصَّف‏.‏

 باب السين مع الطاء

‏{‏سطح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فضرَبَتْ إحداهما الأُخْرى بِمْسَطح> المِسْطح بالكسر‏:‏ عُودٌ من أعْواد الخِباَء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علىّ وعمران <فإذا هما بامْرَأة بين سَطِيحَتين> السَّطِيحَة من المَزَادِ‏:‏ ما كان من جِلْدين قُوبل أحدُهما بالآخَر فَسُطح عليه، وتكون صغيرةً وكبيرةً‏.‏ وهي من أواني المياه‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <قال للمرأة التي معها الصِّبيان: أطْعِمِيهم وأنا أسْطَح لكِ> أي أبْسُطه حتى يَبْرُد‏.‏

‏{‏سطر‏}‏ * فيه <لستَ علىَّ بِمُسَيْطِر> أي مُسَلَّط‏.‏ يقال سَيْطَر يُسَيْطِر، وتَسَيْطَر يَتَسَيْطَر فهو مُسَيطر ومُتَسَيْطِر‏.‏ وقد تُقْلبُ السينُ صاداً لأجل الطاَّء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحسن <سأله الأشْعث عن شىء من القُرْآن فقال له: إنك واللّه ما تُسَطِّر علىَّ بشىء> أي ما تُرَوِّج وتُلَبِّس‏.‏ يقال سَطّر فلان على فُلان إذا زَخْرف له الأقاويل ونَمَّقَها، وتلك الأقاويل‏:‏ الأساَطِيرُ والسُّطُرُ‏.‏

‏{‏سطع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أم معبد <في عُنُقه سَطَع> أي ارتفاعٌ وطول‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث السُّحور‏:‏ <كلُوا واشربُوا ولا يَهِيدَنَّكُم السَّاطع المُصْعِدُ> يعني الصُّبْحَ الأوَّلَ المُستطيل‏.‏ يقال‏:‏ سَطَع الصُّبْح يسطع فهو ساطع، أول ما يَنْشَقُّ مُستَطِيلاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <كلوا واشربوا ما دام الضَّوءُ ساطِعاً>‏.‏

‏{‏سطم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <من قَضَيتُ له بشىء من حقِّ أخيه فلا يأخُذَنَّه، فإنما أقْطَع له سِطَاماَ من النَّارِ> ويُروى <إسْطَاما من النَّار> وهُمَا الحَدِيدة التي تُحَرَّك بها النارُ وتُسْعَر‏:‏ أي أقطَع له ما يُسْعِر به النار على نفْسه ويُشْعِلها، أو أقطَع له ناراً مُسعَرة‏.‏ وتقديرهُ ذاتُ إسْطاَمِ‏.‏ قال الأزهري‏:‏ لا أدري أهي عَرَبية أم أعْجَمِية عُرِّبت‏.‏ ويقال لحَدِّ السيف سِطَام وسَطْمٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <العَرَب سِطَام الناس> أي هُم في شَوكتِهم وحِدَّتِهم كالَحدّ من السَّيف‏.‏

‏{‏سطة‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث صلاة العيد <فقامت امرأةٌ من سِطَةِ النساء> أي من أوْسَاطِهنّ حَسبا ونَسَبا‏.‏ وأصلُ الكلِمة الواو وهو بابُها، والهاءُ فيها عِوضٌ من الواوِ كعِدَة وزِنَة، من الوعْد والوَزْن‏.‏

‏{‏سطا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الحسن <لا بأسَ أن يسْطُوَ الرجُل على المَرأة إذا لم تُوجَد امرأةٌ تعالُجها وخِيفَ عليها> يعني إذا نَشِب ولدُها في بَطْنها مِّيتا فلَه - مع عَدِم القَابِلة - أن يُدخِل يدَه في فَرْجِها ويستَخْرج الولَد، وذلك الفِعْل السَّطْوُ، وأصلْلُه القهْر والبَطْش‏.‏ يقال سَطَا عليه وبه‏.‏

 باب السين مع العين

‏{‏سعد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث التَّلبية <لَبَّيك وسْعديك> أي ساَعَدْت طاعَتك مُساعَدةً، بعد مُساَعَدةٍ، وإسعاداً بعد إسْعاَد، ولهذا ثُنّى، وهو من المصاَدر المنصُوبة بفِعْل لا يَظْهر في الإسْتِعمال‏.‏ قال الجَرْمى‏:‏ لم يُسْمع سعدَيك مفرداً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لا إسْعادَ ولا عَقْر في الإسلام> هو إسْعاد النّساء في المنَاحات، تقومُ المرأةُ فتقوم معها أُخْرى من جاَرَاتها فتُسَاعِدها على النِّياحَة‏.‏ وقيل كان نِساءُ الجَاهِلية يُسْعِد بعضُهن بعضا على ذلك سنةً فنُهيِن عن ذلك‏.‏

ومنه الحديث الآخر <قالت له أمّ عطية: إنَّ فُلانة أسْعَدَتني فأُرِيد أن أُسْعِدَها، فما قال لها النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئاً. وفي رواية قال: فاذْهَبي فأسْعِدِيها ثم بَايعيني> قال الخطابي‏:‏ أما الإسعادُ فخاصٌّ في هذا المعنى‏.‏ وأما المُسَاعدة فعامَّة في كُلِّ معُونة‏.‏ يقال إنَّها من وضْع الرجل يدَه على ساعِد صاحبه إذا تماشَيا في حاجة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث البَحيرة <ساعدُ اللّه أشدُّ، ومُوساَه أحَدُّ> أي لو أرَاد اللّه تحريمها بِشَقِّ آذانها لخَلقها كذلك، فإنه يقول لها كونى فتكون‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث سعد <كنا نَكْري الأرض بما على السَّواقي وما سَعِد من الماءِ فيها، فنهانا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك> أي ما جاء من المْاء سَيْحا لا يحتاجُ إلى دالية‏.‏ وقيل معناه ما جاء من غير طَلب‏.‏ قال الأزْهَري‏:‏ السَّعيد‏:‏ النهرُ، مأخوذٌ من هذا وجمعُه سُعُد‏.‏

ومنه الحديث <كنا نُزارِع على السَّعيد>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي خطبة الحجاج <انْجُ سَعْدُ فقد قُتل سُعَيد> هذا مثلٌ سائرٌ، وأصلُه أنه كان لضَبَّة ابنان سَعْد وسُعَيد فخرجا يطلُبان إبلاً لهما، فرَجَع سَعْد ولم يَرْجع سُعَيد، فكان ضَبَّة إذا رأى سواداً تحتَ الليل قال‏:‏ سَعْد أم سُعَيد، فسار قولُه مثلاً يُضْرب في الاسْتِخْبار عن الأمْرَين الخَير والشر أيَّهما وقَع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفة من يخرج من النار <يهتز كأنه سَعْدانة> هو نبتٌ ذُو شَوكٍ، وهو من جَيِّد مَراعي الإبل تسْمَن عليه‏.‏

ومنه المثل <مرعَى ولا كالسَّعْدان>‏.‏

ومنه حديث القيامة والصِراط <عليها خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكةٌ لها شوكةٌ تكونُ بنَجْد يقال لَها السَّعدان> شبَّه الخطاطيفَ بشَوك السَّعْدان‏.‏ وقد تكرَّر في الحديث‏.‏

‏{‏سعر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي بَصير <ويْلُ أمِّه مِسْعَرُ حرْب لو كان له أصحابٌ> يقال سَعَرتُ والحرْبَ إذا أوقَدتَهما، وسعَّرتهما بالتشديد للمبالغة‏.‏ والمِسعر والمِسْعار‏:‏ ما تُحرّكُ به النارُ من آلةِ الحديد‏.‏ يَصِفُه بالمبالغة في الحَرْب والنّجدة، ويُجْمعان على مَساعر ومَساعير‏.‏

ومنه حديث خَيفان <وأما هذا الحىُّ من هَمْدان فأنْجادٌ بسْلٌ مساعيرُ غيرُ عُزل>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث السقيفة‏:‏

ولا يَنام الناسُ من سُعاره *

أي من شَرّه‏.‏ والسُّعارُ‏:‏ حرُّ النار‏.‏

ومنه حديث عمر <أنه أراد أن يَدْخُل الشام وهو يَسْتَعِر طاعوناً> اسْتَعارَ اسْتِعار النار لِشِدّة الطاعُون يُريد كثرتَه وشدّةَ تأثيره‏.‏ وكذلك يقال في كل أمْر شديدٍ‏.‏ وطاعوناً منصوبٌ على التمييز، كقوله <واشْتَعل الرأسُ شيباً>‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه يَحُث أصحابه <اضْرِبُوا هَبْرا، وارمُوا سَعْرا> أي رمياً سريعاً، شَبّهه باستعار النار‏.‏

وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <كان لِرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وحشٌ، فإذا خَرج من البيت أسْعَرَنا قَفْزاً> أي ألْهَبَنا وآذَانَا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <قالوا يا رسول اللّه: سعِّر لنا، فقال: إن اللّهَ هو المُسعِّر> أي أنه هو الذي يُرْخص الأشياءَ ويُغْلِيها، فلا اعتراض لأحدٍ عليه‏.‏ ولذلك لا يَجوز التَّسعِير‏.‏

‏{‏سعسع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر <إن الشهر قد تسَعْسَع، فلو صُمْنا بقيّتَه> أي أدبرَ وَفِني إلا أقّله‏.‏ ويُرْوى بالشين‏.‏ وسيجىء ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قال الفارسي‏:‏ وروى بالشين أولا ثم السين؛ أي الشاسع، وهو الذاهب البعيد‏)‏‏.‏

‏{‏سعط‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه شَرِب الدواءَ واستَعَط> يقال سعطتُه وأسْعَطْته فاستَعَط، والأسمُ السَّعوط بالفتح، وهو ما يُجعل من الدواءِ في الأنفِ‏.‏

‏{‏سعف‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <فاطمةُ بَضْعة مني يُسعِفُني ما أسْعَفهاَ> الإسْعاف‏:‏ الإعانةُ وقضاءُ الحاجةِ والقُرب‏:‏ أي يَنالُني ما نالهاَ، ويُلِمُّ بي ما ألَمَّ بها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه رأى جاريةً في بيتِ أمِّ سلمة بها سعْفة> هي بسكون العين‏:‏ قُروحٌ تخرج على رأس الصبي‏.‏ ويقال هو مرضٌ يسمى داءَ الثَّعلب يسقُط معه الشَّعر‏.‏ كذا رَواه الحَرْبي، وفسره بتقديم العين على الفاء، والمحفوظ بالعكس‏.‏ وسيذكر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمار <لو ضربونا حتى يَبْلُغوا بنا سَعَفات هَجَر> السَّعَفات جمع سَعَفة بالتحريك، وهي أغصانُ النخيل‏.‏ وقيل إذا يبسَت سميَت سَعفةً، وإذا كانت رطبةً فهي شَطْبَة‏.‏ وإنما خصّ هَجَر للمُباعَدة في المَساَفة، ولأنها مَوصُوفة بكثرة النخيل‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن جبير في صفة الجَنَّةِ ونَخِيلها <كَرَبُها ذَهب، وسعقها كِسُوْة أهل الجنة>‏.‏

‏{‏سعل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا صَفَر ولا غُول ولكن السَّعالِي> هي جمع سِعْلاة، وهم سَحَرة الجِنّ‏:‏ أي أنَّ الغُول لا تقَدِر أن تغُول أحداً أو تُضِله، ولكنْ في الجن سَحَرة كسحرة الإنس، لهم تَلْبيس وتخْييلٌ‏.‏

‏{‏سعن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر <وأَمرتُ بصاع من زَبيب فجعل في سُعْن> السُّعْن‏:‏ قِرْبة أو إدَاوَة يُنْتَبذ فيها وتعلَّق بوتِدٍ أو جِذع نَخْلة‏.‏ وقيل هو جمع، واحدُه سُعنة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي بعض الحديث <اشتريتُ سُعْنا مُطْبِقا> قيل هو القَدَح العَظِيم يُحلب فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث شرط النصارى <ولا يخرجوا سَعَانينَ> هو عيدٌ لهم معروفٌ قبل عيدهم الكَبير بأسْبُوع‏.‏ وهو سرْياَني معرَّب‏.‏ وقيل هو جمعٌ واحده سعْنُون‏.‏

‏{‏سعى‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا مُساَعَاة في الإسلام، ومن ساعَى في الجاهِلية فقد لَحِقَ بعَصَبيته> المُساعاةُ الزِّنا، وكان الأصمعي يجعلها في الإماءِ دون الحَرائر لأنّهُنّ كُنَّ يَسْعين لمواليهِنَّ فيكْسِبن لهم بِضَرَائب كانت عليهنّ‏.‏ يُقالُ‏:‏ سَاعَت الأمةُ إذا فَجَرت‏.‏ وسَاعاها فُلان إذا فَجَر بها، وهو مُفاعلةٌ من السَّعي، كأن كُلّ واحدٍ منهما يسعَى لصاحبه في حُصُول غَرَضه، فأبْطَل الإسلامُ ذلك ولم يُلْحق النَّسَبَ بها، وعفا عمَّا كان منها في الجاهلية ممن أُلْحِق بها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <أنه أُتِىَ في نِساء أو إماءٍ سَاعَين في الجاهلية، فأمَر بأولادهنّ أن يُقَوَّموا على آبائهم ولا يُسْتَرقُّوا>‏.‏ معنى التَّقْويم‏:‏ أن تكونَ قيمتُهُم على الزَّانِين لِمَوَالى الإماَءِ، ويكونوا أحراراً لاحِقِى الأنسابِ بآبائهم الزُّناَةِ‏.‏ وكان عُمر رضي اللّه عنه يُلْحِقُ أولادَ الجاهلية بمن ادَّعَاهم في الإسلام، على شَرْط التَّقْويم‏.‏ وإذا كانَ الوطءُ والدَّعوى جميعاً في الإسلام فدَعْواه باطلةٌ، والوَلد مملوكٌ؛ لأنه عاهرٌ، وأهلُ العلمِ من الأئمة على خِلاَفِ ذلك‏.‏ ولهذا أنكروا بأجْمَعِهم على مُعَاوِية في اسْتِلْحَاقِهِ زياداً، وكان الوطءُ في الجاهلية والدَّعوى في الإسلام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث وائِل بن حُجْر <أَن وائِلاً يُسْتَسْعى ويَتَرَفَّلُ على الأقْوَالِ> أي يُسْتَعمل على الصَّدقات، ويَتَولى اسْتِخرَاجَها من أرْبابها، وبه سُمِّى عامل الزَكاة السَّاعي‏.‏ وقد تكرر في الحديث مفرداً ومجموعاً‏.‏

ومنه قوله <ولتُدْرِكَنَّ القِلاَصُ فلا يُسْعى عليها> أي تُتْرك زكاتُها فلا يكون لها ساعٍ‏.‏

‏(‏س ه‏)‏ ومنه حديث العتق <إذا أعْتق بعضُ العبد فإن لم يكن له مالٌ اسْتُسْعى غيرَ مشْقُوق عليه> استسعاء العبْد إذا عَتَق بعضُه ورَقَّ بعضُه‏:‏ هو أن يَسْعَى في فَكَاك ما بَقِى من رِقّه، فيعملَل ويكسِب ويصْرف ثمنه إلى مولاه، فسُمِّى تصرُّفه في كَسْبه سِعَاية‏.‏ وغير مَشْقُوق عليه‏:‏ أي لا يُكَلِّفه فوقَ طاقته‏.‏ وقيل معناه اسْتَسعى العبدُ لسّيده‏:‏ أي يستَخْدمُه مالِكُ باقية بقدْر ما فيه من الرِّق، ولا يُحَمِّله ما لا يَقْدر عليه‏.‏ قال الخطابي‏:‏ قوله‏:‏ استُسْعى غيرَ مشْقُوق عليه، لا يُثْبته أكثرُ أهل النَّقل مُسْنَداً عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، ويزعُمُون أنه من قول قَتادة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حُذَيفة في الأمَانةَ <وإن كان يهوديّاً أو نَصْرانِيّاً ليَرُدَّنَّه عَلَىَّ ساعيه>، يَعْني رئيسهم الذي يصْدُرون عن رأيه ولا يُمضون أمراً دُونه‏.‏ وقيل أراد الوالِي الذي عليه‏:‏ أي يُنْصِفُني منه، وكل من ولي أمْرَ قوم فهو ساعٍ عليهم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إذا أتيتُم الصلاة فلا تأتُوها وأنتم تسْعَون> السْعىُ‏:‏ العَدْو، وقد يكون مشْياً، ويكون عَملا وتصرُّفاً، ويكون قصداً، وقد تكرر في الحديث‏.‏ فإذا كان بمعنى المُضِىّ عُدِّى بإلى، وإذا كان بمعنى العَمل عُدِّي باللام‏.‏

ومنه حديث على في ذم الدنيا <من ساعاها فاتَتْه> أي سابَقها، وهي مُفاعلة، من السعي، كأنها تسْعى ذاهبةً عنه، وهو يَسْعى مُجِدّاً في طَلَبها، فكل منهما يطلُب الغَلَبة في السَّعي‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس <الساعي لغير رِشْدة> أي الذي يسْعى بصاحبه إلى السلطان ليُؤْذِيَة، يقول هو ليس بثابت النَّسب ووَلَدِ حَلال‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث كعب <الساعي مُثَلِّثٌ> يُريدُ أنه يُهْلِك ‏(‏كذا بالأصل واللسان وفي أ والهروي والدر النثير‏:‏<مهلك> ‏)‏ بسعايِته ثلاثة نَفَر‏:‏ السلطانَ والمَسْعِىَّ به ونفْسَه‏.‏

 باب السين مع الغين

‏{‏سغب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <ما أطْعَمتُه إذا كان ساغباً> أي جائعا‏.‏ وقيل لا يكون السَّغَب إلا مع التَّعَب‏.‏ يقال‏:‏ سَغِبَ يَسغَب سَغَبا وسُغُوباً فهو ساغِب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه قَدِم خَيبَر بأصحابه وهم مُسغِبون> أي جِياع‏.‏ يقال أسْغَب إذا دَخَل في السُّغُوب، كما يقال‏:‏ أقْحَط إذا دَخَل في القَحْط‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏سغسغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث واثلة <وصنَع منه ثريدةً ثم سَغْسَغَها> أي روّاها بالدُّهن والسَّمْن‏.‏ ويُرْوى بالشين‏.‏

ومنه حديث ابن عباس في طِيب المُحْرِم <أما أنا فأُسَغْسِغه في رأسي> أي أُرَوّيه به‏.‏ ويروى بالصاد‏.‏ وسيجىء‏.‏

 باب السِين مع الفاء

‏{‏سفح‏}‏ * فيه <أوّله سِفاح وآخِرُه نِكاحٌ> السِّفاحُ‏:‏ الزِّنا، مأخوذ من سَفَحتُ الماء إذا صَبَبتَه‏.‏ ودم مسفوحٌ‏:‏ أي مُرَاق‏.‏ وأراد به ها هنا أنّ المرأةَ تُسافِح رجُلا مُدّةً ثم يتزوّجها بعد ذلك، وهو مكروهٌ عند بعض الصحابة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي هلال <فقُتل على رأسِ الماءِ حتى سَفَح الدمُ الماءَ> جاء تفسيره في الحديث أنه أعطى الماء، وهذا لا يُلائمّ اللغة لأنّ السفْحَ الصبّ، فيحتمل أنه أراد أنّ الدم غَلَب على الماءِ فاسْتَهْلكه؛ كالإناءِ المُمْتَلِىء إذا صُبّ فيه شىء أثْقل مما فيه فإنه يخرُجُ مما فيه بقدْر ما صُبّ فيه، فكأنّه من كثرة الدّم انصَبّ الماء الذي كان في ذلك الموضع فخَلَفه الدم‏.‏

‏{‏سفر‏}‏ * فيه <مَثَلُ الماهِر بالقرآن مَثَلُ السَّفَرة> هم الملائكة، جمعُ سافِر، والسافر في الأصل الكاتب، سُمِّىَ به لأنه يبَين الشىء ويُوَضِّحه‏.‏

ومنه قوله تعالى <بِأَيدِي سًفًرة. كِرامٍ بَرَرَة>‏.‏

وفي حديث المسح على الُخْفَّين <أمرنا إذا كنا سَفْرا أو مُسافرين>، الشكُّ من الراوي في السَّفْر والمسافرين‏.‏ السَّفْر‏:‏ جمعُ سافِر، كصاحب وصَحْب‏.‏ والمسافرون جمعُ مُسافر‏.‏ والسّفر والمسافرون بمعنًى

ومنه الحديث <أنه قال لأهلِ مكة عام الفتح: يا أهلَ البلَد صلُّوا أربعاً فإنَّا سَفْر> ويُجْمَعُ السَّفْر على أسْفَار‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث حذيفة، وذكر قَوْم لُوط قال <وتُتُبِّعت أسْفارُهم بالحجَارَة> أي القَوم الذين سَافَروا منهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أسْفِروا بالفَجْر فإنه أعْظَم للأجْر> أسفَر الصبحُ إذا انكَشَف وأضاءَ‏.‏ قالوا‏:‏ يَحتَمل أنهم حين أمرهم بتَغْلِيس صلاةِ الفجْر في أوّل وقتِها كانوا يُصَلُّونها عند الفجر الأول حِرصاً ورغبةً، فقال أسْفِروا بها‏:‏ أي أخّرُوها إلى أن يَطلُع الفجْر الثَّاني وتتحقَّقُوه، ويُقَوّى ذلك أنَّه قال لبلال‏:‏ نّوِّر بالفجر قدْرَ ما يُبْصِر القومُ مواقعَ نَبْلهم‏.‏

وقيل إنِّ الأمرَ بالإسْفار خاصٌّ من اللَّيالي المُقمرة؛ لأنّ أوّل الصبُّح لا يَتَبين فيها، فأُمِرُوا بالإسفار احتياطاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <صلّوا المَغْرب والفِجَاجُ مُسْفِرةٌ> أي بَيِّنَةٌ مضيئةٌ لا تخْفَى‏.‏

وحديث علقمة الثقفي <كان يَأتِينا بِلاَلٌ بِفطْرِنا ونحنُ مُسفرُون جِدّاً>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <أنه دخَل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه لو أمَرْت بهذا البَيت فسُفِر> أي كُنِس‏.‏ والمِسْفَرة‏:‏ المِكْنَسة، وأصلُه الكشْف‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث النخعي <أنه سفَر شَعْره> أي استأصَله وكشفه عن رأسه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث معاذ <قال: قرأتُ على النبي صلى اللّه عليه وسلم سَفْراً سَفْراً، فقال: هكذا فاقْرأ> جاء تفْسيره في الحديث <هَذّاً هَذَاً> قال الحرْبي‏:‏ إن صَحَّ فهو من السُّرْعة والذهاب‏.‏ يقال أسفَرت الإبلُ إذا ذهَبت في الأرض، وإلاَّ فلا أعْرف وجْهه ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قال الفارسي‏:‏ السفر‏:‏ الكتاب وجمعه أسفار، كأنه قال‏:‏ قرأت عليه كتابا كتابا أي سورة سورة لأن كل سورة ككتاب، أو قطعة قطعة‏.‏ قال‏:‏ وهذا أوجه من أن يحمل على السرعة فإنها غير محمودة‏)‏‏.‏

وفي حديث علىّ <أنه قال لعُثْمان رضي اللّه عنه. إن النَّاس قد اسْتَسْفَرُوني بينَك وبينهم> أي جَعَلُوني سَفِيراً بينَك وبينَهم، وهو الرَّسُول المُصْلح بين القَوم، يقال سَفَرتُ بين القوم أسْفِرُ سِفَارة إذا سَعَيت بينهم في الإصْلاح‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <فوضع يدَه على رَأسِ البَعير ثم قال: هَاتِ السِّفار، فأخَذَه فوضَعه في رَأسه> السِّفارُ‏:‏ الزمامُ، والحديدةُ التي يُخْطمُ بها البَعير ليّذِلّ ويَنْقَاد‏.‏ يقال سَفَرتُ البَعير وأسْفَرته‏:‏ إذا خَطَمته وذلَّلته بالسِّفار‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ابْغِني ثلاث رَوَاحِل مُسفَرَات> أي عليهن السِّفار، وإن روى بكسر الفاء فمعناه القَوِية على السّفر، يقال منه‏:‏ أسْفر البعير واستَسْفر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الباقر <تصدَّقْ بجِلال بُدْنك وسُفْرها> هو جمعُ السّفار‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن مسعود <قال له ابنُ السَّعْدي: خَرجْت في السَّحر أسْفِر فرساً لي، فمرْرت بمسْجِد بَني حنيفة> أرادَ أنه خرج يُدَمِّنُه على السَّير ويُرَوِّضه ليَقْوي على السَّفَر‏.‏ وقيل هو من سَفَرت البَعير إذا رَعَيته السَّفير، وهو أسافلُ الزَّرع‏.‏ ويُروى بالقاف والدال‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث زيد بن حارثه <قال: ذَبَحْنا شاة فجعلناَهَا سُفْرَتنا أو في سُفْرَتِنا> السفرة طعامٌ يتَّخذه المُسَافر، وأكثُر ما يُحمل في جلد مُسْتدِير، فنُقِل اسمُ الطَّعام إلى الجِلْدِ وسمى به كما سُمِّيت المَزَادة راويةً، وغير ذلك من الأسماء المَنقُولة‏.‏ فالسُّفرة في طَعام السَّفَر كاللُّهنة للطَّعام الذي يؤكل بُكْرة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عائشة <صَنَعنا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولأبي بَكْر سفْرة في جراب> أي طعاماً لمَّا هاجرا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن المسيّب <لولا أصواتُ السَّافرِة لسمعتم وجْبَةَ الشمس [و] (الزيادة من الهروي واللسان) السافرة أُمَّة من الرُّوم>، هكذا جاء مُتَّصلا بالحديث‏.‏

‏{‏سفسر‏}‏ * في حديث أبي طالب يمدح النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏

فإنّىَ والضَّوابِحِ كُلَّ يَومٍ ** وما تَتْلُو السَّفَاسِرَةُ الشُّهُورُ

السفاسرةُ‏:‏ أصحابُ الأسْفار، وهي الكتب‏.‏

‏{‏سفسف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إن اللّه يُحب مَعَالِىَ الأمور ويُبْغض سَفْسافَها>‏.‏

وفي حديث آخر <إن اللّه رضِىَ لكم مكارِمَ الأخْلاق وكَرِه لكم سَفْسافَها> السفْساف‏:‏ الأمرُ الحقيرُ والردىء من كل شيء، وهو ضدّ المعالِى والمكارِم‏.‏ وأصله ما يطير من غُبار الدقيق إذا نُخِل، والترابِ إذا أثير‏.‏

وفي حديث فاطمة بنت قيس <إني أخافُ عليك سَفَا سفَه> هكذا أخرجه أبو موسى في السين والفاء ولم يُفَسره‏.‏ وقال‏:‏ ذكره العسكري بالفاء والقاف ‏(‏في الأصل‏:‏ بالقاف والفاء‏.‏ وأثبتنا ما في أ واللسان‏)‏، ولم يُورده أيضا في السِّين والقاف‏.‏ والمشهورُ المحفوظ في حديث فاطمةَ إنما هو <إني أخافُ عليكِ قَسْقَاسَتَه> بقافين قبلَ السِّينين، وهي العصا، فأما سَفاسفُه وسَقَاسِقُه بالفاء أو القاف فلا أعْرفه، إلا أن يكونَ من قولهم لِطَرَائق السيف سَفاسِقُه، بفاء بعدها قاف، وهي التي يقال لها الفِرِندُ، فارسية مُعَرَّبة‏.‏

‏{‏سفع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنا وسَفْعاءُ الخدَّين، والحَانِيةُ على ولدها يومَ القيامة كهَاتَين، وضمَّ أصبَعَيه> السُّفْعَةُ‏:‏ نوعٌ من السواد ليس بالكثير‏.‏ وقيل هو سوادٌ مع لون آخر، أراد أنها بذلت نفسَها، وتركَت الزِّيّنة والترفُّة حتى شَحِب لونها واسودّ إقامةً على وَلدها بعد وفاة زوجها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي عمرو والنَّخعِي <لما قَدِم عليه فقال: يا رسولَ اللّه إني رأيتُ في طريقي هذا رُؤيا: رأيت أتاناً تركْتها في الحىّ ولَدَت جَدْيا أسفعَ أحْوَى، فقال له: هل لك من أمَة تركتها مُسِرَّة حمْلاً؟ قال: فقد ولَدَت لك غُلاما وهو ابنُك. قال: فماله أسْفَع أحْوى؟ قال: ادْنُ، فدنا منه، قال: هل بك من بَرَص تكتُمه؟ قال: نعم والذي بعثَكَ بالحق مارآه مخلوقٌ ولا عَلم به، قال: هو ذاك>‏.‏

ومنه حديث أبي اليَسَر <أرى في وجهك سُفعةً من غضَب> أي تغُّيراً إلى السَّواد‏.‏ وقد تكررت هذه اللَّفظةُ في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <ليُصِيبَن أقواما سَفْعٌ من النار> أي علامة تُغَير ألوانهم‏.‏ يقال سَفعتُ الشيء إذا جَعَلتَ عليه علامةً، يريد أثر من النار ‏(‏أنشد الهروي‏:‏

وكنتُ إذا نَفْسُ الجبَانِ نَزَتْ بِهِ ** سفعْتُ على العِرْنيِن منه بِمِيسَمِ

قال‏:‏ معناه‏:‏ أعلمته‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أم سلمة <أنه دخَل عليها وعندَها جارِيةٌ بها سَفْعة، فقال: إن بها نظرةً فاستَرْقُوا لها> أي عَلامة من الشَّيطان، وقيل ضَرْبة واحدة منه، وهي المرّةُ من السَّفْع‏:‏ الأخْذ‏.‏ يقال صَفع بناصِية الفَرس ليركبه، المعنى أن السَّفْعة أدركَتْها من قِبَل النّظرة فاطلبوا لها الرُّقْيَة‏.‏ وقيل‏:‏ السَّفعة‏:‏ العينُ، والنَّظرة‏:‏ الإصابةُ بالعين‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود <قال لرجل رآه: إنّ بهذا سَفْعة من الشيطان، فقال له الرجُل: لم أسْمَع ما قلت، فقال: نَشدتك باللّه هل تَرَى أحداً خيرا منك؟ قال: لا. فلهذا قلتُ ما قلتُ> جَعَل ما به العُجْب مَسّاً من الجنون‏.‏

ومنه حديث عباس الجُشَمِىّ <إذا بُعِث المؤمن من قبْره كان عندَ رأسِه مَلَك، فإذا خرَج سَفع بيده وقال: أنا قَرينُك في الدنيا> أي أخذ بيده‏.‏

‏{‏سفف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أتى برجُل فقيل إنه سرق، فكأنما أُسِفَّ وجْه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> أي تغيَّر واكْمدّ كأنما ذُرَّ عليه شىءٌ غيره، من قولهم أسْفَفْت الوشْم، وهو أن يُغْرزَ الجلدُ بإبرة ثم تُحشَى المَغارِزُ كُحْلا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث الآخر <أن رجلا شكاَ إليه جيرانَه مع إحْسانه إليهم، فقال: إن كان كذلك فكأنَّما تُسِفُّهم المَلّ> المَلّ‏:‏ الرَّمادُ‏:‏ أي تَجعل وجوههم كلَون الرّماد‏.‏ وقيل هو من سِفَفْت الدَّواء أسَفُّه، وأسفُفَتْه غيري، وهو السَّفوف بالفتح‏.‏

ومنه الحديث الآخر <سَفُّ المَلَّة خيرٌ من ذلك>‏.‏

وفي حديث عليّ <لكني أسْفَفْتُ إذ (في الأصل: إذا. وأثبتنا مافي أ واللسان) أسَفُّوا> أسَفّ الطائر إذا دَنَا من الأرْض، وأسَفَّ الرجُل للأمْرِ إذا قارَبه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي ذر <قالت له امرأة: ما في بيتك سُفَّه ولا هِفَّة> السفة‏:‏ ما يُسَف من الخوص كالزَّبيل ونحوه‏:‏ أي ينَسج‏.‏ ويحتمَل أن يكون من السّفُوف‏:‏ أي ما يُسْتَف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث النخعي <كره أن يُوصل الشَّعر، وقال: لا بأس بالسُّفّة> هو شىءٌ من القَرَاميل تضعُه المرأةُ في شَعْرها ليطُول‏.‏ وأصلُه من سَفِّ الخوص ونَسْجِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الشعبي <أنه كره أن يُسِفّ الرجُل النظر إلى أُمِّة وابنَنِه أو أختِه> أي يُحدّ النظر إليهنّ ويُدِيمه‏.‏

‏{‏سفق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي هريرة <كان يشْغَلهم السَّفْق بالأسْواقِ> يُرْوى بالسين والصاد، يريد صَفْق الأكُفِّ عند البَيع والشِّراء‏.‏ والسينُ والصادُ يتعاَقَبَان مع القافِ والخاء، إلا أنّ بَعْضَ الكلمات يكثُر في الصاد، وبعضها يكثر في السين‏.‏ وهكذا يُرْوى‏:‏

‏(‏س‏)‏ حديث البَيْعة <أعطاه صَفْقة يمينه> بالسين والصاد‏.‏ وخصَّ اليمين لأن البيع ‏[‏والبَيْعة ‏(‏الزيادة من أ واللسان‏)‏ ‏]‏ بها يقعُ‏.‏

‏{‏سفك‏}‏ * فيه <أن يسفِكوا دماءَهم> السفْك‏:‏ الإراقُة والإجْراءُ لكل مائع‏.‏ يقال‏:‏ سَفَك الدم والدمع والماء يسفِكُه سفْكا، وكأنَّه بالدم أخصُّ‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏سفل‏}‏ * في حديث صلاة العيد <فقالت امرأةٌ من سَفِلة النساء> السفلة بفتح السين وكسر الفاء السُّقَاطُ من الناس‏.‏ والسَّفاَلةُ‏:‏ النَّذالةُ‏.‏ يقال هو من السَّفِلة، ولا يُقال هو سَفِلة، والعامَّة تقول رجلٌ سَفِله من قوم سَفل، وليس بعَرَبي‏.‏ وبعض العرب يُخفِّف فيقول فُلان من سِفْلة الناس، فينقل كَسْرة الفاء إلى السين‏.‏

‏{‏سفوان‏}‏ * فيه ذكر <سَفَوان> هو بفتح السين والفاء‏:‏ وادٍ من ناحية بَدْر، بلغ إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في طلب كُرْز الفِهْرى لمَّا أغار على سَرْح المدينة، وهي غزْوةُ بدْر الأْولى‏.‏

‏{‏سفه‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنما البَغْي مَن سَفِه الحقَّ> أي من جهله‏.‏ وقيل جهل نفسه ولم يُفكر فيها‏.‏ وفي الكلام محذوف تقديره‏:‏ إنما البغى فعل مَن سَفِه الحق‏.‏ والسفة في الأصل‏:‏ الخفّة والطيشُ‏.‏ وسَفِه فُلان رأيَه إذا كان مَضْطربا لا اسِتقامَةَ له‏.‏ والسفيهُ‏:‏ الجاهلُ‏.‏ ورواهُ الزمخشري <مِن سَفَه الحقِّ> على أنه اسمٌ مضاف إلى الحق‏.‏ قال‏:‏ وفيه وجْهان‏:‏ أحدهما أن يكون على حذف الجار وإيصال الفِعل، كأن الأصل‏:‏ سَفِه على الحق، والثاني أن يُضمَّن معنى فعْلٍ متعدٍ كجِهل، والمعنى الاستخافُ بالحق، وألاّ يَرَاه على ما هو عليه من الرُّجحان والرَّزانة‏.‏

‏{‏سفا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث كعب <قال لأبي عُمْان النَّهِدْي: إلى جَانِبكم جبل مُشرفٌ على البصرة يقال له سَنَام؟ قال: نعم، قال: فهل إلى جانبه ماءٌ كثيرُ السَّافي؟ قال: نعم. فإنه أوّل ماء يردهُ الدَّجال من مِياه العَرَب> السَّافي‏:‏ الريح التي تَسْفى الترابَ‏.‏ وقيل للتُّرابَ الذي تَسْفيه الريحُ أيضاً سافٍ، أي مَسْفِىّ، كماءٍ دَافِق‏.‏ والماءُ السافي الذي ذكرهُ هو سَفَوان، وهو على مرحلة من باب المِرْبَد بالبصرة‏.‏